السبت، 7 أبريل 2012

نماذج من المعرب في القرآن الكريم من خلال كتاب الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي




نماذج من المعرب في القرآن الكريم من خلال كتاب الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي



من إعداد :                                          بإشراف:
ط ة/ مريم الناوي                                 د/ مولاي المامون المريني
ط  /هشام حاذف


السنة الجامعية 2011 2012


تصميم العرض



مقدمة     -
          التعريف بالمؤلف  1
المعرب في كتاب الإتقان للسيوطي  2
لمحة تاريخية عن تأثير و تأثر العرب بالعجم  3
مقاربة بعض الألفاظ المعربة الواردة في كتاب الاتقان  4
أ جرد وتصنيف الألفاظ المعربة من خلال كتاب الإتقان
ب دراسة بعض الألفاظ
خاتمة  -







مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد طه الأمين و على آله و صحابته الكرام الصادقين.
أما بعد ،فإننا نحاول من خلال هذه الورقة دراسة المعرب و الدخيل في القرآن الكريم من خلال كتاب الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي المتوفى سنة (911 هـ)، لنقف على طبيعة الألفاظ المعربة التي صنفها السيوطي و على منهجه في تتبع أمرها و نعرف موقف المؤلف من فكرة وجود المعرب في كتاب الله المحفوظ ـ بكل ما تحمله الموضوعة من حساسية ممتدة عبر الزمن و متوغلة فيه ـ ثم نحاول في الشق الثاني مقاربة بضع أمثلة من الألفاظ المعربة في القرآن الكريم لنرصد دلالتها في لغتها الأمّ ثم علاقتها بالعربية من خلال ديوانها الشعري الجاهلي و قبله النص القرآني و الحديث النبوي الشريف ،  
و الله نسأل أن يوفقنا لما يرضاه و يرتضيه










-1التعريف بالمؤلف
اسمه ومولده:
الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي هو الإمام الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي المناقب أبي بكر بن ناصر الدين محمد بن سابق الدين أبي بكر بن فخر الدين عثمان بن ناصر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي. وُلِد السيوطي في القاهرة بعد المغرب ليلة يوم الأحد غرة شهر رجب سنة 849هـ/ أكتوبر 1445م، وعاش بها .
كان السيوطي واسع العلم غزير المعرفة؛ قال عن نفسه: " قد رُزقتُ -ولله الحمد- التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع". إضافةً إلى أصول الفقه والجدل والتصريف، والإِنشاء والترسُّل والفرائض والقراأت التي تعلمها بنفسه، والطب، غير أنه لم يقترب من علمي الحساب والمنطق.
و يهمنا في مقامنا هذا  أن السيوطي كانت له جهود لغوية كبيرة في حق العربية و علومها و يشهد له بذلك مؤلفاته المكينة في هذا المجال:
المزهر في اللغة.
 الأشباه والنظائر في اللغة.
 الاقتراح في النحو.
 التوشيح على التوضيح.
 المهذب فيما ورد في القرآن من المعرب.
البهجة المرضية في شرح ألفية ابن مالك.
وفاته:
تمرَّض السيوطي رحمه الله بورم شديد في ذراعه اليسرى، فمكث سبعة أيام، وتُوُفِّي رحمه الله في سحر ليلة الجمعة (19 من جمادى الأولى عام 911هـ/ 17 من أكتوبر عام 1505م





المعرب في كتاب الإتقان للسيوطي

يتعرض السيوطي في بداية الفصل إلى بسط القول في آراء المتقدمين حول اختلاط لغة القرآن بلغات آخرى غير العربية و من هؤلاء المثبت و النافي فالأكثرون ومنهم الإمام الشافعي ، وأبو عبيدة والقاضي أبو بكر ، وابن فارس يؤكدون على عدم وقوعه فيه أو يبررون وجود هذه الألفاظ في الذكر الحكيم لقوله تعالى :( قُرآناً عَرَبياً ) وقوله تعالي:
 ( وَلَو جَعَلناهُ قُرآناً أَعجَمياً لّقالوا لَولا فُصِّلَت آَياتُه أَعجَميُّ وَعَرَبيُّ )
وقال ابو عبيد:إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول، ومن زعم أن كذاباً بالنبطية فقد أكبر القول.
وقال ابن فارس: لو كان فيه من غير لغة العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله ، لأنه أتى بلغات لا يعرفونها.
على النقيض من ذلك يسرد السيوطي آراء غير هؤلاء ممن يسلمون باحتواء القرآن الكريم على ألفاظ غير عربية  لاتصال العرب العاربة بغيرها من الأمم و اختلاط الألسنة
و من جملة ذلك ما أخرجه ابن جرير الطبري بسند صحيح عن أبي ميسرة التابعي الجليل قال :"في القرآن من كل لسان" ، و هذا ما أيده فيه السيوطي نظرا لأن الفرقان حوى علوم الأولين و الآخرين و نبأ بكل شيء، فكان من الضروري أن تقع فيه الإشارة إلى أنواع اللغات و الألسن ليتم الإحاطة بكل شيء، فاختير له من كل لغة أعذبها و أخفها وأكثرها إستعمالا للعرب، يقول السيوطي "ثم رأيت ابن النقيب صرح بذلك قال: (...)و القرآن احتوى على جميع لغات العرب و أنزل فيه بلغات غيرهم من الروم و الحبشة و الفرس شيء كثير""..
وقال حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة قال: في القرآن من كل لسان.
ونقل الثعلبي رحمه الله تعالى عن بعضهم قال:ليس لغة في الدنيا إلا وهي في القرآن. يتضح مما سلف ذكره موقف السيوطي من المعرب في القرآن و المتعين كون في هذا الكتاب يحمل من لغات العالمين و لا تتعارض آيه في ذلك فحتى الألفاظ التي يراها معربة يعدها من العربية لأنها دخلت المحرك اللغوي في مرحلة معينة فأصبحت من بعض القوم.    

لمحة تاريخية عن تأثير و تأثر العرب بالعجم.

نروم في هذا المبحث تمثل كيفية دخول اللغات في بعضها البعض من خلال عوامل ثلاث بدا لنا انها سبب كل اتصال و تداخل بين اللسان و اللسان و نقصر القول على نموذج واحد يهم علاقة اللغة العربية باللغة الفارسية.
- إن اقتباس لغة من لغة ثانية يحدث على الأغلب بتأثير أحد العوامل الثلاثة الآتية :
            1 – العامل العسكري أو السياسي.
            2 – العامل الحضاري.
            3 – العامل الاجتماعي
وقد تجتمع هذه العوامل الثلاثة أو يجتمع أحدها مع الآخر.
و سنوجز الحديث في نموذج اقتباس العربية من الفارسية استنادا إلى هذه العوامل الثلاثة.
- فعلى المستوى العسكري أو السياسي قامت صلات من هذا النوع بين بلاد العرب و بلاد فارس منذ حوالي القرن السادس قبل الميلاد، حيث بسط الفرس سيطرتهم على الهلال الخصيب و أجزاء من سوريا و مصر، و كانوا في بعض العهود يستعينون ببعض العرب على فتح بلاد عربية، التي طالت سيطرتهم عليها بعد الميلاد ، و مثال ذلك سيطرة سابور الثاني المسمى بذي الأكتاف (279 – 309 مـ) على أقسام من الجزيرة العربية ووصوله إلى البحرين و العراق والشام.
- و أما على المستوى الحضاري فقد كانت للفرس حضارة عظيمة امتدت على مئات السنين جعلت العرب ينظرون إليهم نظرة رفيعة، و يأخذون عنهم بعض مظاهر الحضارة التي تجلت لغويا في اقتباس أسماء الأواني (إبريق) و اللباس (سندس) و الأعلام. فمن ذلك قولهم (أبو قابوس) للنعمان بن المنذر و قابوس معرب عن كاووس الفارسية. (1)
و فيما يخص العامل الاجتماعي فمن المعروف أن أفراد المجتمع الواحد لابد و أن يؤثر بعضهم في بعض ،فقد أتيح لبعض العرب في الجاهلية من خطباء و شعراء و رؤساء قبائل أن يترددوا على بلاط الحيرة ،و كانت الفارسية  و تقاليد الفرس المنتشرة فيها فأخذوا من ألفاظها و عاداتها  و تعلموا قصصها و أخبارها و منهم (الأعشى) وهو القائل :
                      و طال  في العجم ترحالي و تسياري
- فاقتبس من ألفاظهم الكثير مما ضمنه شعره.(2)
إضافة إلى ذلك عمل بعض العرب في قصور الأكاسرة و سكن بعض الفرس ديار العرب.
يقول الجاحظ : ألا ترى أن أهل المدينة لما نزل فيهم ناس من الفرس في قديم الدهر علقوا بألفاظ من ألفاظهم (3).




مقاربة بعض الألفاظ المعربة الواردة في كتاب الاتقان

- نروم في هذه النقطة الوقوف على بعض الألفاظ المعربة في القرآن الكريم ،مما أورده السيوطي في (كتابه الإتقان في علوم القرآن) في فصل وسمه ب :
                     = النوع الثامن و الثلاثون : فيما وقع فيه من غير لغة العرب=
من خلال مرحلتين
          1 - جرد و تصنيف الألفاظ المعربة الثاوية في الفصل.
         2 – دراسة بعض الألفاظ
جرد وتصنيف الألفاظ المعربة من خلال كتاب الإتقان
الألفاظ الفارسية في القرآن الكريم الألفاظ الحبشية
-
-
- أباريق: طريق الماء،صب الماء على هينة
- بيع:مكان للعبادة
- تنور:
- جهنم: أصلها كنهام/ دينار /زنجبيل
- سندس:رقيق الديباج
- سجيل:أولها حجارة و آخرها طين
- سرادق: أصلها سرادر و هو الدهليز و قيل ستر الدار
- كافور
- كفر ،كورت:غورت
- مقاليد : مفاتيح
- ن : أصله النون و معناه إصنع ما شئت
- ياقوت - ابلعي:أزدريه
- الأرائك:السرر/ السكر:الخل
- أواه: الموقن و قيل الرحيم
- أواب: المسيح
- أوبي: سيمي
- الجبت: إسم الشيطان/إسم الساحر
- حوبا: إثما
- السجل:الرجل وقيل الكتاب
- سنن: الحسن
- شطر :تلقاء
- طه :كقولك يا محمد
- الطاغوت :الكاهن
- العرم :المسناة التي يجمع فيها الماءينبثت
- غيض :نقص
- قسورة :الأسد
- كفلين :ضعفين
- مشكاة :كوة
- منسأة :العصا
- منفطرة :ممتلئة (السماء منفطر به) المزيل
- ناشئة الليل :قيام الليل
- يحور:يرجع (إنه.................)
- يس:أصله إنسان ــــــــــ يا رجل
- يعدون :يضعون
الألفاظ السريانية الألفاظ القبطية



- أسفار :الكتب
- ربانيون + ربيون
- رهوا :ساكنا
- سريا : نهرا
- سجدا :مقنعي الرؤوس
-  شهر :
- طور :جبل
- جنات :كروم و أعناب
- قنطار :ملء جلد تور ذهبا وفضة
- القيوم : الذي لاينام
- هونا :حكماء
- هيت لك :هلم لك قاله الحسن و قيل بالحورانية
- اليم :البحر




-الملة الآخرة : الجاهلية الأولى
-القبط يسمون الآخرة الأولى و العكس
-بطائنها :ظواهرها
-سيدها :زوجها
-قيل مزجاة :قليلة
-هيت لك :هلم لك
-اليم :البحر
















الألفاظ العبرية الألفاظ النبطية

- أخلد :ركن
- أليم :موجع
- الأواه :الدعاء
- البعير :كل ما يحمل عليه و قيل الحمار
- دارست :قارءت
- راعنا :سب بلغة اليهود
- ربانيون
- الرحمن :أصله بالخاء المعجمة
- رمز تحريك الشفتين
- صلوات :كنائس اليهود أصلها صلوتا
- قوم : حنطة/..................
- لينة :نخلة بلغة يترب
- مرقوم :مكتوب
- هدنا: تبنا
- هونا :حكماء
- هيت لك : قاله أبو زيد الأنصاري،و أصله (هيتلج) أي تعال
- اليم :البحر - أسفار :كتب
- إصري :عهدي . الأكواب :الأكوازجرار ليس لها عرى
- إل : الله
- تتبيرا :تحت/تحتها :بطنها
- الحواريون :الغسالون و أصله (هوارى)
- سريا : نهرا
- سفرة : القراء
- سيناء : الحسن /صرهن : شققهن
- طه :يا رجل /عبدت :قتلت
- فردوس :كرم و أصله فرداسا
- قطنا :كتابنا
- كفر عنا :إصفح عنا
- الملكوت : الملك
- مناص :فرار
- وراء :أمام
- وزر :الجبل الملجأ

الزنجية الرومية
أليم :الموجع
حصب : حطب الرقيم : اللوح و قيل الكتاب و قيل الدواة
الصراط :الطريق
طفقا :قصدا
قيل جنات : كروم و عنب
فردوس :بستان
القسط :العدل
القسطاس : العدل و قيل الميزان
قنطار :إتنثا عشرة ألف أوقية
الألفاظ الهندية ألفاظ أعجمية
ابلعي : أشربي
سندس
طوبى إستبرق : الديباج الغليظ بلغة العجم
سقر
سلسبيل
الرس :البئر/الروم إسم هذا الجيل من .............
مجوس
مرجان
هود :اليهود
اليهود :نسبة إلى يهوذا بن يعقوب
لغة أهل المغرب ألفاظ لم يحدد الإمام السيوطي مصدرها
أبا : الحشيش
إناه : نضجه و قيل بلغة البربر
قنطار : ألف مثقال و قيل أنه ثمانية آلاف مثقال بلغة أهل إفريقية
مهل : عكر الزيت وقيل بلغة البربر
يصهر :ينضج حميم آن ـــــــــــــمن عين آنية
حطة ــــــــ صوابا
قراطيس
لسان الترك
غساق :البارد المنتن
و قيل بالطخارية



دراسة بعض الألفاظ

- اللفظة الأولى : - إبريق-
قال تعالى –و يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب و أباريق-(4)
قال السيوطي :حكى الثعالبي في فقه اللغة أنها فارسية ، وقال الجواليقي : الإبريق فارسي معرب، و معناه طريق الماء أو صب الماء على هينة.*
و جاء في لسان العرب : الإبريق الإناء و جمعه أباريق فارسي معرب(5)
و  في الصحاح  الإبريق واحد الأباريق فارسي  معرب و الإبريق أيضا السيف الشديد البريق.(6)
و في القاموس المحيط الإبريق معرب (أبري) جمعه أباريق ومنه السيف البراق ،و القوس فيها تلاميع، و  المرأة الحسناء البراقة،و الأبرق غلظ فيه حجارة و رمل و طين مختلط(7)
- و على مستوى الشعر تخذ بعض الشعراء اللفظة في قصائدهم.
   يقول الأعشى :            غرف الإبريق منها والقدح(8)
وفي شعر عدي بن زيد : ودعا بالصبوح يوما فجاءت    قينة في يمينها إبريق.(9
قال علقمة الفحل :
                         كأن إبريقهم على شرف       مقدم بسبا الكتان ملثوم
حيث شبه الشاعر الإبريق بالظبي فأخرج اللفظة من الاستعمال العادي إلى إستعمال تصويري فني.
من خلال ما سلف نستشف أن اللفظة دخلت المحرك اللغوي العربي و أخذها العرب في شعرهم و كلامهم فعنوا بها حينا اللمعان و حينا آخر الإناء,و هو المعنى نفسه الذي وظفها به القرآن الكريم.

اللفظة الثانية( سيد) :
- لقد وصف الله سبحانه و تعالى كتابه العزيز بأنه عربي قال سبحانه في سورة يوسف:* إنا أنزلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون*(10) ومعنى الآية واضح إذ إن ظاهرها يفيد أن القرآن كله عربي. لكن يبقى السؤال المطروح في هذا المقام هو :
ففي سورة يوسف التي ذكر الله في أولها أن القرآن أنزل بالعربية ،ألفينا كلمات ليست كذلك ،من ذلك كلمة *سيد* في قوله تعالى : * وألفيا سيدها لدى الباب*(11)
يقول السيوطي في كتابه الإتقان :* سيدها* تعني زوجها بلغة القبط.(12)
إذا استحضرنا أن نبي الله يوسف عليه السلام أخذ إلى مصر التي كان سكانها في ذلك العهد أقباطا أخذنا بما جاء به السيوطي، وهو ما يتأكد  مع علماء التفسير.
يقول الإمام الزمخشري : * وألفيها سيدها لدى الباب*  و صادفا بعلها و هو *قطفير* تقول المرأة لبعلها سيدي.(13)
و يقول الإمام الرازي :* و ألفيا سيدها لدى الباب * أي صادفا بعلها تقول المرأة لبعلها سيدي و إنما لم يقل سيدهما لأن يوسف عليه السلام ما كان مملوكا لذلك الرجل في الحقيقة (14).

- نشير في هذا الصدد إلى أن لفظة *سيد* لم تذكر فقط في سورة يوسف بل ذكرها سبحانه و تعالى في سورة آل عمران  اية39 قال تعالى " فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله و سيدا  و حصورا  ونبيئا من الصالحين"
من الصالحين* و ذكرها كذلك في سورة الأحزاب اية67   قال تعالى * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا السبيلا*.
يقول صاحب كتاب *مفردات غريب القرآن* : قال بعضهم لايفا رق سوادي سواده أي عيني شخصه، و يعبر به عن الجماعة الكثيرة نحو قولهم عليكم بالسواد الأعظم، والسيد المتولي للسواد أي الجماعة الكثيرة و ينسب إلى ذلك فيقال سيد القوم.
و لا يقال سيد الثوب  وسيد الفرس و يقال ساد القوم يسودهم ،و لما كان من شرط المتولي للجماعة أن يكون مهذب النفس قيل لكل من كان فاضلا في نفسه سيد و على ذلك قوله *و سيدا وحصورا* وقوله * وألقيا سيدها* فسمي سيد لسياسة  زوجته، وقوله * ربنا إنا أطعنا سادتنا * أي ولاتنا و سائسينا.(15)
موازاة مع القرآن الكريم ذكرت لفظة *سيد* في الحديث النبوي الشريف
قال الإمام أحمد سمعت مطرق بن عبد الله الشخير يحدث عن أبيه قال جاء رجل إلى النبي (ص) فقال : أنت سيد قريش فقال النبي (ص) السيد الله ، قال أنت أفضلها فيها قولا و أعظمها فيها طولا فقال الرسول (ص) * ليقل أحدكم بقوله و لا يستجره الشيطان*. (16)
و في الأدب المفرد للبخاري يقول البخاري حدثنا مسدد قال حدثنا بشر بن الفضل قال حدثنا أبو مسلمة عن أبي نضرة عن مطرق قال قال أبي انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي (ص) فقالوا : أنت سيدنا قال السيد الله قالوا و أفضلنا فضلا و أعظمنا طولا، قال فقال * قولوا بقولكم  و لا يستجيركم الشيطان*(17)
و قبل القرآن الكريم و الحديث النبوي الشريف وردت لفظة سيد في الشعر العربي القديم (شعر المعلقات ).
قال عمر بن كلثوم :
                      و سيد معشر قد توجوه     بتاج الملك يحمي المحجرينــــــــــــــا.(18)
و يقول طرفة بن العبد :
                        فألفيت ذا مال كثير و عادني    بنون كرام سادة لمسود.(19)
و يقول زهير :
     فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله     رجال بنوه من قريش و جرهم
     يمينا لنعم السيدان و جدتمــــــــا      على كل حال من سحيل و مبرم(20)

نسجل هنا أن لفظة سيد ورد ذكرها وتداولها في الشعر العربي قبل القرآن والحديث النبوي ،ونلاحظ من خلال ما ذكرناه بخصوص  اللفظة أنه لا تباين بين معناها في القرآن الكريم والحديث النبوي والشعر العربي القديم .
اللفظة الثالثة إستبرق
وردت هذه اللفظة في سورة الكهف في قوله تعالى الآية31"ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق "
و في الآية الثالثة و الخمسين من سورة الدخان في قوله تعالى"يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين"
و في الآية الرابعة و الخمسين من سورة الرحمن في قوله تعالى"متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان"
قال السيوطي إستبرق أخرج ابن أبي الحاتم عن الضحاك أنه الديباج الغليظ، بلغة العجم(21)
و ورد في لسان العرب مادة (ب ر ق) وإستبرق المكانُ إذا لَمَع بالبرق ،وذكر الجوهري هنا: الإسْتبرقُ الدّيباجُ الغليظُ، فارسي معرَّب، وتصغيره أُبَيْرِق،وإسْتَبْرَق للغليظ من الديباج وأصله اسْتَبْرَهْ، وقيل: أصله سِتَبْرَهْ أي جيد، فعربوه كما عربوا بَرَق ويَلْمَق، وقيل: إنها البِيضُ من شُقَق الحرير
و في القاموس المحيط للفيروز أبادي الإِسْتَبْرَقُ: الديباجُ الغَليظُ، مُعَرَّبُ: اسْتَرْوَه، أو ديباجٌ يُعْمَلُ بالذَّهبِ، أو ثيابُ حَريرٍ صِفاقٌ نَحْوُ الديباج، أو قِدَّةٌ حَمْراءُ كأَنَّها قِطَعُ الأَوْتارِ
و في الحديث النبوي الشريف عن البراء بن عازب نهانا النبي صلى الله عليه و سلم عن سبع...فذكر الحرير و الاستبرق والديباج  (22)






خاتمة

في ختام هذه الورقة نخلص إلى أن القرآن الكريم كتاب نزل بلسان عربي مبين لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الألفاظ غير العربية مما استعملته العرب نتيجة احتكاكها بالأقوام و العشائر المحاذية لها و لما كانت اللغة سبيلها إلى ذلك ، لا مراء في أنها ستأخذ من الغريب عنها ،لتوائمه مع نسقها الصوتي و الدلالي، و هذا ما ذهب إليه السيوطي في إتقانه حيت وافق على ما ذهب إليه ابن جريرفي معرض حديثه عن الألفاظ غير العربية في تفسيره من كون القرآن يضم كل ألسنة العرب و لا يضيع ذلك من بيانه العربي الأصيل شيئا.
و ما ذهب  إليه الجواليقي في المعرب من كون الكلمات المعربة في القرآن ،أعجمية في أصولها لكن العرب تداولتها فعربتها بألسنتها و حولتها إلى معجمها بحروف عربية ثم نزل القرآن و قد اختلطت بكلامهم، و هي على هذه الصورة التي وصلتنا بها في كتاب الله.










إحالات البحث

(1)انظر ص21من :المعجم المفصل في الألفاظ الفارسية المعربة في الشعر الجاهلي والقرآن والحديث النبوي.
(2)الأغاني ج22 ص120
(3)البيان والتبيين ج1ص19
(4)سورة الواقعة الآية 18
(5)الإتقان في علوم القرآن ص180 ج1  ط4/1978 .
(6)لسان العرب مادة( برق )  ابن منظور الافريقي تح علي شيري دار إحياء الثرات             العربي
(7)القاموس المحيط  للفيروز أباد مادة ( ب رق) ،دار الجيل بيروت لبنان
(8) نقلا عن المفصل في الألفاظ الفارسية المعربة في الشعر الجاهلي ،و القرآن الكريم          ،و الحديث النبوي د .صلاح الدين المنجد   ص 3 ج 2مطبعة إيران
(9) نفسه
(10)سورة يوسف الآية 2    
(11)سورة يوسف الآية25
(12)  الإتقان في علوم القرآن ص180 ج1  ط4/1978 .
(13)الكشاف للزمخشري ج2 ص458 دار الكتاب العربي – بيرو تط3/1407
(14)مفاتيح الغيب للفخر الرازي ج18ص445 ،دار إحياء التراث العربي-بيروت     ط3/1420
(15) مفردات غريب القرآن   –ج1ص247
(16)مسند الإمام أحمد تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرين نشر مؤسسة الرسالةط1/2001
(17)الأدب المفرد:البخاري،تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي دار البشائر الإسلامية –بيروت .ط3/1989 ج1
(18)(19) (20) انظر "جمهرة أشعار العرب" أبوزيد القرشي ،شرح علي فاعور دار الكتب العلمية بيروت ط2/1992.
  (21)  نقلا عن المفصل في الألفاظ الفارسية المعربة في الشعر الجاهلي ،و القرآن الكريم  ،و الحديث النبوي د .صلاح الدين المنجد   ص 94 ج 2مطبعة إيران
  (22)  الإتقان في علوم القرآن ص201 /مرجع سابق.
                                                               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق